هشام سلام لـ«جسور بوست»: التغيرات المناخية قد تفني البشرية.. ولن أتاجر بالدين أو العلم (2-2)

هشام سلام لـ«جسور بوست»: التغيرات المناخية قد تفني البشرية.. ولن أتاجر بالدين أو العلم (2-2)

 

ندرس الماضي لمعرفة المستقبل ونؤكد من خلال أبحاثنا أن الاحتباس الحراري قد يفني البشرية

ضد تقييد العلم ومساراته والنص الدستوري الخاص بالبحث العلمي محقق وموجود في الواقع

حرية البحث العلمي مكفولة لمن أراد ولم أرَ أحداً يقيدني ويقول لي افعل أو لا تفعل

لا لخلط الدين بالعلم فالأخير له منهج ومقصلة وإذا عرضت الدين للعلم لتعرض لتلك المقصلة 

نركز على أبحاثنا وما يقوله العلم لنا ولن ننساق خلف ضلالات ولو كانت تعجب الكثرة

كل ما أضمنه لمتابعيّ عدم كذبي عليهم أو متاجرتي بالدين أو العلم وإذا فعلت أكون قد حدت عن الطريق الصحيح

 

حاورت "جسور بوست" العالم المصري هشام سلام، مؤسس مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية، وهو المركز البحثي الأول والوحيد من نوعه في الجامعات المصرية والشرق الأوسط، مكتشف -ومعه فريقه- أول حفرية لديناصور في قارة إفريقيا، حاورته في حلقة أولى سابقة حول أبحاثه وتربيته كوادر بحثية، ودعمه المرأة في هذا الشأن، واكتشافاته ومسيرته العلمية.

وفي الحلقة الثانية من الحوار تحدث سلام لـ"جسور بوست"، في موضوعات شائكة، منها ما يتعلق بخطورة التغيرات المناخية على البشرية وإسهامات أبحاثه في تشخيص المشكلة، وحرية البحث العلمي، ومسائل أخرى تتعلق بجدليات تثار حول عمل سلام وخلط الدين بالعلم، وانتقادات الأصوليين لأطروحاته العلمية، فإلى نص الحوار.

ما الذي يمكن أن تساهم به أبحاثك في التصدي لأضرار قد تسببها التغيرات المناخية والتي تصل حد التهديد بفناء الكوكب؟

في مركزنا "سلام لاب" نوجه بضرورة المساهمة في دراسة وبحث التغيرات المناخية عبر الزمن، ونُشر لنا بحثان العام الماضي عن التغير المناخي، تناولتُ احتباسا حراريا شبيها بالموجود حاليًا حدث من 56 مليون سنة بعد انقراض الديناصورات، ومعدلات التسرع في ارتفاع درجات الحرارة حينها شبيهة جدًا بما يحدث الآن، ولذا ندرس الماضي كي نستطيع من خلاله قراءة السيناريوهات المرجح حدوثها في المستقبل، ونؤكد من خلال أبحاثنا أن الاحتباس الحراري قد يشكل خطورة على الأرض.

إن دراسة التاريخ عبر الحفريات الفقارية، أشبه ما يكون بامتلاكنا كتاب تاريخ كبيرا مُقسّما إلى مجموعة من الأبواب، نحن الآن ندرس ما حدث في تلك الأبواب ونتوقع من خلاله ما يمكن أن يحدث في الباب الذي نعيشه الآن، كل نهايات أبواب الكتاب عبر التاريخ، تقول باحتمالية حدوث انقراض وتغير كبير للكوكب، وبما أن الإنسان جزء من المملكة الحيوانية فهو أيضًا عرضة للانقراض أي أن الجنس البشرى قابل للفناء، البعض لا يصدق، لا يعلم أن المكان الذي يعيش فيه الآن لربما أصبح في المستقبل غابة للحيوانات، التغيرات المناخية تستطيع زعزعة إمبراطورية الإنسان عن طريق الاحتباس الحراري.

وهل تقدمون حلولاً من خلال أبحاثكم أم فقط ترصدون المشكلة؟

نحن نرى شواهد والحلول معلومة سلفًا لدى الجميع وهي ضرورة العمل على خفض نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو، آليات التنفيذ متعددة فيمكننا استخدام الشمس والرياح كبدائل لمسببات التلوث. 

ما أثر ما كفله الدستور للبحث العلمي على مستقبل وتطوير البحث العلمي؟

يجب أن يكون البحث العلمي حرًا، ولو قيد فهو موجه، وضد تقييد العلم ومساراته، والنص الدستوري الخاص بالبحث العلمي محقق وموجود في الواقع، ما زالت هناك ضمانات دستورية مهمة كفلها الدستور للمواطنين ومن بين هذه الضمانات المادة «23» التي تعنى بحرية البحث العلمي والباحثين، وتتضمن هذه المادة ما يلي: «تكفل الدولة حرية البحث العلمي وتشجيع مؤسساته باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية وبناء اقتصاد المعرفة وترعى الباحثين والمخترعين وتخصص لهم نسبة من الإنفاق الحكومي لا تقل عن 1٪ من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، كما تكفل الدولة سبل المساهمة الفعالة للقطاعين الخاص والأهلي وإسهام المصريين في الخارج في نهضة البحث العلمي».

حرية البحث العلمي مكفولة لمن أراد ولم أرَ أحدًا يقيدني ويقول لي افعل أو لا تفعل، كذلك كان هناك دعم لبناء المركز وآخر لاستمراره حتى يومنا هذا، الدعم مكفول سواء من مؤسسات الدولة المختلفة أو من أكاديمية البحث العلمي، خاصة عندما يرون نتيجة جيدة.

ما أحلامك وطموحاتك للبحث العلمي؟

دائمًا ما أضع خططًا وأحلامًا لكل ما أقوم به، أعلم على سبيل المثال ما الذي سأحققه بعد 10 سنوات، وذلك وفق حلم وخطة محكمة لتنفيذه وضعتها، وهناك خطط طويلة المدى وأخرى قصيرة، وأسير بخطا الواقع وأعيش فيه بطموحات تسبقني، وأخطط لطلابي الحاليين كيف يصبحون الأفضل لا مجرد نسخة مكررة مني وإلا سأكون فشلت، سأكون استنسخت ولم أطور، ولذلك أرسلت ودعمت بعض طلابي للتعليم في الخارج، منهم سناء السيد طالبتي تدرس في جامعة" ميتشغن" ولدي 4 طلاب لديهم منح لأربع دول مختلفة هم سفراء المعرفة لاستيراد العلم وآلياته من الخارج، حاليًا أهتم بالكادر البشري الذي أعول عليه تغيير منظومة البحث العلمي في مصر.

لماذا يتهافت على منشوراتك الأصوليون بالنقد، ولماذا أيضاً يحدث العكس من تهافت شباب ليبرالي وعلماني عليها؟

انتبهت أن أكون رجل علم، ورجل العلم لا بد ألا يكون متحيزًا لفكرة أو رأي، وأن أنأَ بنفسي عن التصنيف، العلم هو لغة يفهمها الجميع على اختلاف عقائدهم وأيدولوجياتهم وآرائهم الخاصة، ودائمًا ما أضرب مثلًا لطلابي، أخبرهم إذا أحضرت قلمًا من البلاستيك، وقمت عن طريق درجات الحرارة المرتفعة بإعادة تشكيل قلم البلاستيك إلى أشكال عدة مختلفة، هذه تسمى تجربة علمية ويتفق عليها ويفهمها الجميع فلا خلاف عليها من قِبل البوذي والمسلم أو المسيحي أو اللاديني، بخلاف لو قلت إله بوذا من صنع هذا المفتاح، هنا سيختلف الجميع كل حسب معتقده، ولذا البحث العلمي لغة يفهمها الجميع.

توجه إليك انتقادات واتهامات مستمرة بالإلحاد كونك من أنصار نظرية التطور ألا تخشى أن ينتظرك مصير فرج فودة؟

هل مصيري بيدي؟ أخذت عهدًا على نفسي أنني لن أتاجر بالدين، أستطيع بكلمة واحدة زيادة عدد المتابعين لديّ إلى ملايين، لكنني إذا فعلت سأكون تاجرت بالدين، أنشر أوهاما تشبع رغباتي الشخصية في الشهرة على حساب العلم، فأضل أجيالا وأجيالا من بعدي، مثل كثيرين يفعلون الآن باسم الإعجاز العلمي وما نراه مؤخرًا جميعها لا يندرج تحت بند العلوم الحقيقية، وكعالم مسؤول لا بد أن أحافظ على العلم ومعاييره.

ما خطورة الخلط بين الدين والعلم وتدخل رجل الدين في شؤون العلم؟

شيء خطير جدًا وغير مجدٍ، وسبق وشبهته بخلط الزيت بالماء، لن يفيد تقليب الأناء فكلاهما لن يتجانس، الدين أمر غيبي فيه نؤمن بأشياء لم نرَها كالموت والبعث وما شابه، أما العلم فهو أمر مادي قابل للشك والدحض وإعادة التجربة عرضة للتصديق والنفي، وهذا ليس بدعوة لمحاربة الدين أو المتدينين، ولكن عند دراسة العلم فلا سلطان عليه لشيء أو أحد، العلم له منهج ومقصلة، فلو عرضت الدين للعلم لتعرض لتلك المقصلة العلمية، كالشك أين ولماذا وكيف ومتى، مثال نحن نؤمن بالملائكة في العلم سيتطلب التعيين والرؤية وهذا محال.

لماذا يكره السلفيون العلم؟

السؤال من المفترض أن يوجه إليهم، لا أكره أحدًا ولا أحرض على فكرة، مجرد رجل علم، وكل ما أضمنه لمتابعي عدم كذبي عليهم أو متاجرتي بالدين، وإذا فعلت ذلك أكون قد حدت عن الطريق الصحيح.

يقدم هشام سلام محتوى منبوذاً بالنسبة للثقافة الشرقية، ما سر الخلطة الذي بسببه التفّ الشباب حول هشام سلام رغم صعوبة ما يردده من نظريات؟

أعتقد أن ما يجمع هؤلاء الناس جميعهم على اختلاف توجهاتهم الفكرية هو الفضول العلمي، مؤيدًا كان أو معارضًا هو يتابعني بسبب فضوله العلمي، الفضول هو محركه، وجد شخصًا يقول ما هو موجود في الكتب.

لن تجد في صفحتي سوى عرض حقائق موثقة من خلال ما قمنا به من أبحاث، ولدينا الآن ما يزيد على 30 بحثا علميا في 10 سنوات، كل من يأتي لزيارتنا في المركز العلمي يؤكد أن الجو العام وتفاصيل المركز مختلفة عما يجدونه في أي بيئة علمية مشابهة في مصر، نحن نركز على أبحاثنا وما يقوله العلم لنا ولا ولن ننساق خلف ضلالات ولو كانت تعجب الكثرة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية